عاشق سراب الحب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
دخولالرئيسيةأحدث الصورالتسجيل
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
سبتمبر 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930     
اليوميةاليومية
المواضيع الأخيرة
» ●[ نـ ح ـب بـ صمت ونوآجة جنون آلشوق ونعآإني ]]~
سيدة الحزن والصمت Icon_minitime1الخميس 25 فبراير 2021 - 1:11 من طرف عزيز الروح

» دورات للشباب والبنات في مجال الطيران
سيدة الحزن والصمت Icon_minitime1الخميس 6 مارس 2014 - 14:36 من طرف حياااة الرووح

» أوراق صامتة
سيدة الحزن والصمت Icon_minitime1الثلاثاء 24 يوليو 2012 - 16:06 من طرف darine

» 80 بالمائة من أمراض القلب والدورة الدموية يمكن تجنبه
سيدة الحزن والصمت Icon_minitime1الأحد 1 مارس 2009 - 3:25 من طرف jungar

» النحت على قشور البيض
سيدة الحزن والصمت Icon_minitime1الأحد 1 مارس 2009 - 3:03 من طرف jungar

» Paroles de Here I Am
سيدة الحزن والصمت Icon_minitime1الثلاثاء 24 فبراير 2009 - 11:45 من طرف darine

» Paroles de (everything I Do) I Do It For You
سيدة الحزن والصمت Icon_minitime1الثلاثاء 24 فبراير 2009 - 11:42 من طرف darine

» Paroles de Never Forget You
سيدة الحزن والصمت Icon_minitime1الثلاثاء 24 فبراير 2009 - 11:35 من طرف darine

» Paroles de I Wish You Well
سيدة الحزن والصمت Icon_minitime1الثلاثاء 24 فبراير 2009 - 11:33 من طرف darine

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم

 

 سيدة الحزن والصمت

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
darine

darine


انثى
عدد الرسائل : 137
العمر : 40
smss :


My SMS


تاريخ التسجيل : 16/09/2008

سيدة الحزن والصمت Empty
مُساهمةموضوع: سيدة الحزن والصمت   سيدة الحزن والصمت Icon_minitime1الثلاثاء 10 فبراير 2009 - 11:13

سيدة الحزن والصمت
لأنك هكذا أصبحت سيدة الحزن والصمت كما لقبوك أريد أن أصرخ... أن أملأ بالضجة حارات المخيم حول غرفتك العالية كمئذنة.‏
أريد أن أحررك... وأن أتحرر أنا من جذور الحزن التي نخرت عمري.‏
وأريد أن أرى ابتسامتك... وأضحك حتى درجة البكاء.‏
وماذا أريد أيضاً؟‏
أشياء كثيرة... لا أعرفها.‏
في الليل تتبعت خطواتك وأنت تطوفين مثل شبح... وتبرقين في الظلام وردة من نار. أذكرك تماماً عندما كنا في المدرسة. وأنت تضجين مرحاً وصخباً... وتملئين الدنيا حولك ضحكات... وتنثرين مع ابتسامتك ورداً وياسمين. كنا جميعاً نتصور أنك لابد ستأخذين الحياة من جانبها الغض الطري... وأن طموحاتك لن تتعدى عملاً ناجحاً وأسرة سعيدة... وأن انتماءك لن يكون إلا لنفسك... ولآفاق سعادتك الشخصية. حتى فوجئنا بزواجك منه... ذلك الرجل الناضج الصارم... وريث قضية حفرت خطوطها في وجهه... وفي عينيه. وقلت وأنت تضحكين:‏
ـ أحببت فلسطين من أجله... بل أحببت فلسطين به.‏
وغبت عنا كما يغيب نجم في سماء تعج بالكواكب... وظللنا نتلمس خطوط حياتك حتى انقطعت عنا، آه يا وفاء... كم الحياة قاسية وهي تطمس الدروب بركام من الهموم والمشاكل ونحن ـ كما كان يقول عزمي أكبر زملائنا في الجامعة ـ جيل العذابات الذي كتب عليه أن يدفع الثمن. ولقد دفع كل منا الثمن المخصص له. أما أنت... فقد كانت حصتك باهظة... باهظة.‏
جارك المسن عندما جئت أسأل عنك قال لي بهمس:‏
ـ مسكينة... أصبحت معتوهة. لا شيء يربطها في العالم ولهذا اختل ميزانها. كم كانت سيدة عظيمة في صبرها واحتمالها.‏
وكان مستعداً كما العجوز الثرثارة التي تقطن البناء نفسه الذي فيه تعيشين أن يتحدث عنك طويلاً.‏
لكن ألمه من أجلك ـ كما يبدو ـ جعله يختصر المأساة.‏
أنا سمعت كل شيء.. وصدقت كل شيء. لا لأنني أصدق الأشياء عادة لكن كل ما يمكن أن يقولوه عنك يحمل أنفاس الحقيقة ودفئها. الحقيقة التي تصلبت في عالمنا رغم تفجره بالنار واللهب. الحقيقة ـ أقول لك... لا تموت. يا سيدة الحزن والصمت. ولكن إلى متى يلفها الجمود؟‏
وإذا لم تستطع أن تذيبها هذه النيران... وهذه الأنهار من الدم... وهذه البراكين فمتى؟ أنا ضد النار والدم والموت...‏
أنا ضد العنف والقتل...‏
وباختصار ضد الحرب.‏
أنا مع أن نزرع الحقول بالقمح لا بالألغام.‏
ومع فرح الأطفال يولدون في الأمن والسلام....‏
وألا ترتدي النسوة إلا بياض الفرح.‏
وأن تغمر البيوت بالورود لا بالدموع.‏
وأرثي لوطن لا يعرف أبناؤه كيف يتجمعون ويتآلفون إلا في الجنائز والمحن.‏
وإذ التقيتك لا تعرفينني. لماذا؟ هل كانت صورتي لديك إلى هذه الدرجة من الشحوب والاهتزاز؟ هل طمست في أعماقك كل المرايا أم أنها تحطمت؟ مرآة أيامنا تلك أظنها من الصفاء والقوة بحيث لا يشوشها شيء... ولا يحطمها شيء. وكنت تقولين لي:‏
ـ أيتها المحلقة دائماً في سماوات الحرف... اهبطي كالفراشة نحو النار... حتى ولو أحرقتك وها أنا يا صديقتي... وجناحاي الشفيفان قد استعصيا على كل احتراق. اكتويت... وتألمت... وربما اشتويت. لكنني في كل مرة كنت أخرج بجناحين جديدين كما طائر الأسطورة. تعالي صوبي.... ادخلي في عباءتي الدمشقية الفضفاضة... إنها عباءتنا معاً فهي عربية... وهي زي ما كانوا يسمونه ديار الشام. ادخلي لنحتمي معاً من الريح التي تقلع أقدامنا وتحاصرنا من كل جهة... ومن وهج النار والاحتراق. أعانقك... فتغمرك دموعي. صحيح أني لم افقد حفيدي الوحيد كما فقدت.... ولم أفجع ببيت تهدم وأسرة تبددت لكن أطفال الوطن الذين تسحبهم الجرافات أكواماً إلى المقابر الجماعية يسكنون أهداب عيني. وكل بيت مهدم غصن مكسور في شجرة عمري... وأسرتي الكبيرة التي تفرعت من قلبي تخطفها جهات القارات الخمس أو الست لا أدري.‏
تعالي نصرخ معاً. نفجر الصمت في أعماقنا.... وتنهمر مواويلنا حزناً كالمطر.‏
لكنك لا تسمعينني... لا تلبين ندائي. تمشين فوق الحجارة والركام كما لو أنك المسيح فوق الماء بينما تشد أقدامي السلاسل فلا أقدر أن ألحق بك. كيف أفعل؟‏
طردت من ذاكرتي كل الأسماء.... حتى اسمي. غيبت كل الوجوه حتى وجوه أهلي وجيراني. أسقطت من حسابي كل المعادلات... ونسيت كل العبارات الحماسية والشعارات وجئت إليك.‏
ليس معي سوى قلبي أحمله على راحتي...‏
وقصاصة ورق كنت قد أرسلتها لي قبل أن نفترق آخر مرة.‏
هل أقرأ لك ما كتبت لي فيها؟‏
أو جزءاً مما بقي لدي؟‏
(الأصحاء هم الذين على الساحة الآن. ولهذا سوف تسترد القضية عافيتها، لأننا نحب علينا أن نناضل فالحب لا يخضع لمنطق الاختيار وكذلك النضال، لسوف ندفع بكل طاقاتنا نحو القتال. ونجند كل شخص حتى الأطفال. أدوارنا مرسومة كأقدارنا ولن نقوى إلا بالأمل والعزيمة والصبر. أنا أتلهف لليوم الذي أندمج فيه بالقضية... وأكون أنا القضية. وسوف تعرفين عني الكثير. أنا المرصودة مع المرصودين للفوز الكبير).‏
هل أذكرك بما كنت تحملين من قدرة هائلة على الأمل والتفاؤل؟‏
أم أنك فقدت فيما فقدت حتى الذاكرة؟‏
ومن أنا حتى أذكرك؟ أنا القابعة في زاوية بيتي وأنت في خطوط النار.... أنا الناعمة كل ليلة بدفء الفراش وأنت تأرقين من الصباح إلى الصباح؟ هل أجرؤ؟ تعالي أمسح فوق رأسك الذي غزاه الشيب... وأمر بأناملي فوق ملامحك المرتجفة. وأحكي لك قصة الذئب والحمل.‏
فأنا لا أعرف إلا لغة الكتابة والكلام.‏
الحمل هو الذي افترس الذئب هذه المرة....‏
لكن الذئاب الأخرى هي التي تشوه سمعة الحملان وتسترد من عقول البشر مقولة ثابتة على الزمن. مفادها أن الذئاب لا يمكن أن تفترسها الحملان. ويغمض الناس عيونهم ثم يفتحونها ليحاولوا أن يصدقوا من جديد.‏
وأنت... لا تريدين أن تسمعي شيئاً... ولا أن تقولي شيئاً.‏
حسناً. هل تسمحين لي بأن أدخل غرفتك؟‏
(وراءها كنت أنقل خطوتي المضطربة وأمشي بحذر خوفاً من أن تصعقني بنظرتها فأعود من حيث أتيت. لكنها تركتني بعد أن طافت على الحي المهدوم كله أن أصعد معها الدرج وأن أصل إلى حيث بقايا حياتها المحطمة).‏
رائع أنك سمحت لي بالدخول. في ذهني أن أتمدد على فراشك أو على أي أريكة أصادفها أو على الأرض ربما. لكنني لا أجد ما ألقي بجسدي المتعب فوقه. حتى الأرض.... أرض غرفتك مزروعة بعشرات الدمى من كل الأشكال والألوان وبألعاب للأطفال أكثرها مهشم. من أين أتيت بكل هذه الدمى؟ ولماذا هذه الألعاب في وقت لم يعد في مجموعة السكان من حولك طفل واحد؟ دماك متربة... وممزقة الثياب... ومهملة مثل أطفال أضاعوا بيوتهم وأثداء أمهاتهم. تلك الدمية الأرجوانية كأنما هي مثقوبة بالرصاص. والخضراء ذات عيون زجاجية تلمع أو تدمع لا أدري. والصفراء... والبيضاء... والزهرية. جميعها ذات أثواب مطرزة جميلة لكنها عتيقة كما لو أن حرباً اجتاحتها هي الأخرى. أنظر إلى كبراها. إنها تضحك... هل تحزرين لماذا تضحك؟ لأنها تفترض أن كل طفلة تنظر إليها لابد ستضحك فتسبقها هي بالضحك. هل يخطر في البال أنه سيمر وقت ما... في مكان ما... لن يكون فيه أطفال يضحكون؟‏
والألعاب المهشمة... أسمع ضجيجها وهي تغرق في صمت الحطام. قطارات ومدافع وخوذ ورشاشات وطائرات. يا أطفالنا... يا أطفالك... يا أطفال الذين يدفعون ضريبة القتال كم أرثي لكم وأيديكم الصغيرة لا تستطيع أن تمتد حتى إلى الألعاب.‏
من الشرفة الساكنة أسمع صوتاً إنسانياً... لا... ليس إنسانياً بالمعنى الدقيق. كان صوت إنسان. رجل أو امرأة لا أدري. بين دقيقة وأخرى يتغير... يتلون. يا الله... من الذي يستطيع أن يتحكم بصوته بهذه القدرة وبهذه السرعة؟‏
عيناك تضيقان وأنت تنظرين إلى الشرفة. يخطر لي أنني جننت ربما... أو أنني أتوهم. لكن الصوت حقيقي وأنت صامتة. قولي أي شيء.. ما هو هذا الصوت؟ لكنك مصرة على صمتك وعلى أن تتجاهليني وتزدريني.‏
أغامر بالخروج إلى شرفة بلا زجاج... مكسورة الجوانب وعلى شفا الانهيار. هل كان يخطر لي ـ في ذلك الظلام المشحون بالحذر والخوف ـ أن أجد ببغاء؟ أقترب منه... أنظر إليه بدهشة... ألامس قضبان قفصه. يضطرب هو الآخر ويبتعد إلى أقصى نقطة في القفص. ثم يصمت هو الآخر.‏
يا لذلك الليل الطويل... الطويل. وأنا في غرفتك محبوسة الأنفاس لا أدري ما أفعل. أتنقل بعيني بين أشيائك وقفص ببغائك ولا أجرؤ على أي تصرف. كم كان الليل ثقيلاً كقطعة من رصاص... وهشاً خفيفاً بآن معاً. وبين هذين الاحساسين المتناقضين التهمت عقارب الساعة دقائقه وثوانيه.‏
عند الفجر كانت كلانا منهكة متعبة. أنت تتكومين في زاوية صغيرة مثل قطة ضالّة وأنا مصلوبة على الشرفة قرب الببغاء. هل أتركك دون أن حوار من أي نوع؟ هل أكون كقطرة ماء انسفحت على أرض شديدة الانزلاق؟‏
لا... لا بد أن أمضي اليوم أو جزءاً منه معك. ما دمت لا تطردينني فسأظل معك... إن لك ديناً في عنقي يوم فقدت طفلي الأول وظللت إلى جانبي في المستشفى حتى شفيت. فكيف وأنت تفقدين حفيدك ولا أمل لك بالشفاء؟‏
مع خيوط الفجر أتحرك من مكاني. أقترب من الببغاء. أناديه. لكنه ينظر إلي بطرف عينه بازدراء. أفتح له باب القفص لكنه لا يخرج. يمط عنقه... ينفش ريشه ويسوي وقفته ثم ينظر إلى الشارع ويغمغم بأصوات بمهمة.‏
ها قد أصبحت رهينتك... وكل منا سجينة الصمت.... ولم يعد لي من أمل سوى أن يثرثر الببغاء وأن أستمع إلى كلام ولو كان مفرغاً من أي معنى.‏
الببغاء يردد كل الأصوات... يعيد كل الكلمات والعبارات. هنيئاً له. هو ليس مع أحد... ليس ضد أحد. لا مع الفرح هو. ولا مع الحزن. يكرر الضحكة كما يشيع البكاء بحيادية تامة. يكركر كالطفل ويهذر كالعجوز.‏
لأول مرة في حياتي أحب الببغاء... وأتمنى لو أحتضنه بيدي. في طفولتي كانت جدتي تعلق ببغاء أنثى في قفص نحاسي كبير فوق (البحرة) وتعني به أكثر مما تعتني بنا. وتطرب دائماً إذ يقول لها كل يوم (صباح الخير). كأنما كانت تحصل على كنز. لم أعرفه ينطق سوى بهذه الجملة.... وبأسمائنا واحداً واحداً. سمر... زينة... وردة.. فارس. لم يفرغ مخزونه مما سمع إلا قبل أن يموت. وبكت جدتي لأنها اكتشف في حلقه أسراراً من عبارات كان قد خبأها عنها. وطوال فترة احتضاره كانت تنصت بخشوع لكل ما يقول.‏
بعد أن امتد الصباح كانت على الرصيف تحت الشرفة جماعات من البشر. باعة متجولون ومواطنون ومسلحون أيضاً. كتب مصفوفة على جدار منهدم... وفتيان يصيحون على الجرائد وأكشاك صغيرة لبيع الخبز... وأناس كثيرون ممن يعرضون بضائعهم على عجل. وإذ يلعلع الرصاص يبدؤون بالهرب.‏
الببغاء يمط عنقه... ينفش ريشه ويرمش بعينه ولا يعيد حرفاً واحداً مما يسمع حتى مما تبثه الإذاعة المفتوحة وقد نسيها صاحب المذياع. يا لسذاجتي... لماذا تصورت أنه سيثار ولابد أنه سيردد فوراً ما يصل إليه من اصوات؟‏
وأنت... يا سيدة الحزن والصمت كنت في الظل من زاويتك قابعة بسكون وعيناك مثبتتان حيث ببغاؤك. لم أجرؤ على أن أحمل له قفصه وأخبئه في الغرفة. وأنت أيضاً لم تفعلي. تصورت أن هذه هي إرادتك فاحترمتها. لكنني في نهاية الأمر ندمت... ليتني فعلت.‏
تشابك الرصاص لم يدم طويلاً. ساعة أو أقل. ثم هدأ كل شيء وهدأـ أنا من اضطرابي وارتباكي. أحاول أن أتلهى بقصاصات الورق بين يدي... وابحث عن قلم أخط لك به بعض السطور ثم أمضي. هذا ما يريده لنا القدر في هذا اللقاء المتأخر كثيراً عن وقته فماذا أفعل قد قطعت الجسور بنا؟ ماذا أفعل في لقاء امرأتين بعد سنوات طويلة من مسارات حياتين شديدتي التشابك والتعقيد؟ لا النضال أجدى فيهما ولا القلم.. وكل منا فريسة صمتها الخاص... وحزنها الخاص. وكان لابد في أن أمضي.. فلأمض.‏
أسمع أصواتاً مختلطة. عبارات متضاربة لأطفال ونساء ورجال متعددي اللهجات والنبرات... وصوت صفارة إنذار... وزعيق سيارات إسعاف... ورنين ضحكات أيضاً.‏
ماذا جرى؟ هل جاؤوا لينتشلوك أم ليبعدوك عني أم ليهزؤوا بنا معاً؟ لكنك أنك صحيحة الجسم والعقل. وهادئة وديعة كحمامة ولك كل الحق أن تعيشي بحرية كما تريدين. وأنا... أنا المقتحمة حياتك... المتطفلة على صمتك وحزنك سوف أنسحب بطواعية جندي مهزوم.‏
وما أظن أن موقفنا يستدعي الضحك منه.... بل الرثاء.‏
الأصوات تضج... تزداد إلحاحاً... وأنت تغرقين أكثر وأكثر في صمتك وتغيم عيناك حتى يغطيهما ضباب قاتم كثيف. ترتخي أجفانك وأنت تنظرين إلى الشرفة حيث القفص.‏
يخطر لي قبل أن أهبط الدرج أن أطل على ببغائك الذي آثر الصمت هو الآخر. حتى الببغاوات تُحترم إذ تصر على الصمت عندما لا يجدي الكلام، الصمت موقف يا سيدتي... والحزن صمت... والموت نفسه موقف من الحياة.‏
أقترب من القفص فأجد الببغاء يغرق في بركة صغيرة من الدم وحشرجات خافتة تتردد في صدره. كيف اخترقه الرصاص وقد هدأت المعركة؟ ولماذا لم نسمعه أنت وأنا؟ هل كان بإمكاننا أن ننقذه فيما لو سمعنا؟‏
الببغاء إذن هو الذي كان يفرغ كل تلك الأصوات... وهو يحاول الآن أن يعيد آخر عبارة له فلا يقدر. أتحسسه ليس فيه جرح أو ثقب أو أي أثر لرصاصة ما. الدم يتدفق من منقاره مع الكلام، هل انتحر مثلاً؟ وهل تعرف الطيور الانتحار؟ خاطر غريب لمع في ذهني عندما تعثر أناملي على قطعة زجاج حادة تختلط بالدم الذي بدأ يتخثر... وبالصوت الذي بدا متقطعاً مع عبارة محتضرة (لكن الحقيقة لا تموت).‏
من أين سمع الببغاء هذه العبارة؟ لم يعد يهم... ما دام الببغاء يموت.‏
ارتد نحوك... يا سيدة الحزن والصمت. أريد أن أتأكد أنك تسمعين كما أسمع فأسمعك وأنت تقولين (لكن الحقيقة لا تموت... الحقيقة لا... الحقيـ‏
وتضيع الحروف‏
وأضيع مع آخر شعاع لها يموت‏
دمشق: 10/6/1985‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سيدة الحزن والصمت
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ... الحزن ... والبوح

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عاشق سراب الحب :: المنتديات الادبيه والصور :: منتدى القصه والروايه-
انتقل الى: